فيصل شعاف 30/12/2010م
في صنعاء وكالعادة عند عودتي الى المنزل بعد يوم عصيب مليء بالأعمال والمشاغل مختلفة التفاصيل ، وبأمل يتخللني شوقاً للقاء احبتي ، وفي منتصف الطريق ترجلت من سيارتي الى احد المتاجر لشراء بعض المتطلبات ، عندها رمقت فتىً يافع في مقتبل العمر ، شاحب الوجه اشعث يبدو عليه التعب والارهاق ، متعثر الخطى ، يقود عربة تجوال بها مجموعة من الاشياء البسيطة يقوم ببيعها لبعض المتاجر ، ومن ضمنها ذلك المتجر الذي قصدته ، وقفت متأمل بشعور ساحر جذبني نحوه بقوه وبفضول تجرأت واقتربت ، فاذا بصوت يصدر منه اثناء حديثه مع احد زبائنه ، وقد امتزجت نغمات ذلك الصوت بحب العمل وقناعة العيش ، بلكنه عشقتها طويلاً ، لحظتها تمنيت استمرار ذلك الحوار حتى استقي من براءته المزيد ، فقد اسر مشاعري شوقاً لزمان ولا ومضت ايامه ، وبعد وضوح طالع ذلك الفتى ايقنت باني اعرف تربته ، سئلتة بلغه طائشة هل انت وصابي ، بلطف اجاب نعم وانت من أي بلد اجبته من تعز وتبسمت، كرر سؤالي وما ادارك باني من هناك ، اجبته وقد تخللتني مشاعر القرباء والصفاء نحوه ، عرفتك من لكنتك ، اجاب وما اداراك بلكنتي ، قلت اعرف اناس من ذلك الموطن ، فوقفنا عند هذه الكلمات ، ولم يسألني بعدها بشي فاستغربت لنقاشة المهذب معي رغم صغر سنة ، وبترحاب صدره الطاهر لسماع مزاحي ، تأملت لذاكرتي واسترجعت حقائق لمستها في الحياه ، فقلت في نفسي مفتخرا بهذا الفتى الذي اتى من اقصى المفارق ، ليكافح من اجل قداسة العيش الشريف ، رغم مراره الخطوات التي يعشقها ليحيا من كد كاهليه ، وفزعت ارجائي خوفا على مستقبله الغائب وبعده عن الدراسة ، فسئلت هل تدرس اجاب بتحسر كانه يعرف سر الجواب ، لقد درست واوقفتني الظروف ، قارنت لحظتها الاختلاف بين هذا الفتي بهذا وبأقرانه بهذا السن من ابناء المدن ذوي الشأن والمراكز ، فوجدته يختلف عنهم ويتحلى بالصفات النبيلة يضحي بأجمل سنين حياته في سبيل ارضاء رغباته الملبدة بالعزة والكرامة واعالت أسرته ، خلاف امثاله من ابناء المدن فالبعض منهم يبدا ويفني حياته في سبيل اللهو والضياع ورفقا الهرج والمرج والعقوق حتى يصاب من العمر عتيا ، فتراه يسخر ثائراً من كدا هذا الفتى ، ويضحك تارة ، فيحق له ذلك لأنه لا يعلم حقيقه الحياه مرها وحلوها ، وبكل فخر وبكلمات دوت مسامعها اجواء ذلك المكان اجبته باني من ذلك الطين الذين ينتمي اليه ، من تلك الارض التي انبتته، حينها خجل بارتياح واغمض جفونه بحنان قاتم لا يعلم سره الا انا ، فقد نال ما قصده ، فحييت ارضاً انجبت خلقاً وقيما وعزه وكرامه تمثلت بهذا الفتى الوصابي ، الذي شعاع صدقاً يوحي بان القيم لا زال صائغيها في ربوع تلك الجبال الخالدة ، ولكن ليس هذا كل شي ….
فالعلم يعلوا بيوتاً لا اساس لها … والجهل يهدم بيوت العز والشرفي
1 التعليقات:
احسنت يا شيخ فيصل ربنا يسعدك
إرسال تعليق